+++++++++++++++++++++++++++++++++ فتاة حاقدة: الشيطان يحكم)... العيال الذين ظنوا انفسهم كبار)

Saturday, December 02, 2006

الشيطان يحكم)... العيال الذين ظنوا انفسهم كبار)

العيال الذين ظنوا أنفسهم كبارا


أحيانا تراودني الرغبة في البكاء مثل طفل صغير يتيم تاهت عنه أمه في الزحام. و أشعر في تلك اللحظات أننا جميعا أطفال لا فرق كبير يذكر بيننا و بين أطفالنا في علمنا و معارفنا و أخلاقنا.

يخيل إلينا أننا اخترقنا السماوات بعلومنا. و لو فكرنا قليلا لوجدنا أننا مازلنا في حروف أ . ب . ت . ث .. و أننا كأولادنا على عتبة واحدة من الحيرة و التساؤل و الجهل.

يقول لك طفلك و هو يشاور على القمر: من أين جاءوا بهذا القمر يا أبي؟

و تجاوب عليه بكلام كثير. و تتلو عليه نظريات و افتراضات خلاصتها أنه لا أحد يعرف الحقيقة. و لا حتى أينشتين نفسه.
و يسألك طفلك عن جده الذي مات أين ذهب منذ موته.
و عن اخيه الذي ولد أين كان قبل مولده.
فلا تعرف جوابا.

فلا أحد يعرف ماذا قبل الميلاد و لا ماذا بعد الموت. و لا من أين. و لا إلى أين.
و يشاور لك على الكهرباء و يقول ما هذا؟ فتقول الكهرباء.
و يسأل ما هي الكهرباء فلا تجد جوابا.
و يسأل من أين أتت الكهرباء.
فتحكي له حكاية طويلة عن ماكينات النور و وابور النور. و أنت لا تدري ما النور. و لو سألت علماء الطبيعة كلهم ما وجدت فيهم واحدا يستطيع أن يدلك على ماهية النور و كنهه، و لا حتى نيوتن، و لا أفوجادرو، و لا فاراداي.

و ما أجهلنا على الدوام.

ابتكرنا علم النفس و كتبنا فيه المراجع و نحن لا ندري ما هي النفس.

و اخترعنا الساعات لنقيس الزمن و نحن لا نعرف ما هو الزمن.

و سكنا الأرض منذ ملايين السنيين و مازلنا لا نعرف عنها إلا قشرتها.

و يجتمع شهود الحادثة الواحدة فيختلفون في روايتها و يحكيها كل واحد بصورة. و هذا شأن الحادثة التي لم تمر عليها ساعة فما بال التاريخ الذي مر عليه ألوف السنين و كتبت فيه المجلدات، و كلها تخييل.

و ما أبعدنا دائما عن الحقيقة.

و ما أقل ما نعلم.

و ما أقرب الفارق بيننا و بين أطفالنا في علمنا و معارفنا.

بل ما أقرب الفارق بيننا و بين أطفالنا في أخلاقنا - نحن الأوصياء و المربيين و كل منا يحتضن أملاكه كما يحتضن الطفل لعبته و لا يطيق أن تمسها يد منتفع.

و فينا البخيل و الشره، و الأكول و الطماع، و من يسيل لعابه على المليم.

و الطفل يخطف و الكبير يسرق.

و الطفل يضرب و الكبير يقتل.

و الطفل يمد يده بالإيذاء و الكبير يمد عصاه و سكينه.

و الطفل يرمي بحصاة و الكبير العظيم يرمي بقنبلة ذرية.

ألا يحق لي بعد ذلك أن أبكي على هذا العالم من العيال الذين ظنوا أنفسهم كبارا؟!

د\ مصطفى محمود

0 Comments:

Post a Comment

<< Home