+++++++++++++++++++++++++++++++++ فتاة حاقدة

Tuesday, May 26, 2009

النمل .. من كتاب الاحلام

كتاب الاحلام ... د مصطفى محمود

كأسراب النمل ... كنقط صغيره
متدافعه .. اننى لا استطيع التمييز
بين وجوهكم .. لأنى انظر من فوق
من فوق



من على ارتفاع شاهق يبدو كل الناس مثل بعض..
يبدون كالنمل.. سحنتهم واحدة.. وهيكلهم واحد.. مجرّد نقط تندفع في اتجاهات متعددة.

وإذا صعدت إلى أعلى برج في القاهرة ثم نظرت إلى الناس تحت فإنك سوف تراهم مجرد نقط.. مجرد كرات تتدحرج على أديم الأرض ككرات البلياردو.. وستبدو عربات المرسيدس الفارهة كطوابير من الصرارصير اللامعة..

إن الأمور تختلف كثيراً حينما ننظر إليها من بعيد.. إنها تتضاءل وتتشابه وتصبح ذات سحنة واحدة.. وتصبح تافهة مثيرة للدهشة والتساؤل..

إنك تتعجب وأنت فوق في علوّك الشاهق تنظر إلى الصرصار الصغير المرسيدس.. وتسأل نفسك.. أهذا هو الشيء الذي كنت طول عمرك تحلم بأن تقتنيه؟!

من أجل هذا الصرصار يحدث أحياناً أن يرتكب رجل عاقل جريمة، فيسرق ويقتل ليجمع بضع جنيهات يشتري بها هذا الصرصار؟! من أجل أن يكون وجيهاً أنيقاً؟..

ولكن لا يبدو أن هناك فارقاً بين الأناقة والبهدلة من هذا الارتفاع الشاهق.. إن كل الثياب تبدو واحدة من فوق..

أجمل النساء تبدو كأقبح النساء.. الوجوه الفاتنة والقبيحة تبدو من فوق كوجوه الدجاج.. لا فرق بين ملامح دجاجة وملامح دجاجة أخرى.. لا تبدو غمزة العين ولا هزة الحاجب ولا بسمة الشفتين.. وكل ما يبدو هما ثقبان مكان العينين وثقب مكان الفم.. ولا شيء غير هذا..

كل مخلوق من هذه المخلوقات التي تهرول تحت.. له ثلاثة ثقوب في وجهه ومنقار صغير هو أنفه.. وكل واحد يجري ويدفع الآخر أمامه.. ويدفعه آخر من خلفه.. وأنت تتساءل.. على إيه.. على إيه.. بيجري ليه الراجل ده.. مستعجل ليه.. عاوز إيه؟

والحكاية كلها تبدو لك من فوق حكاية مضحكة غير مفهومة.. وقد تنسى بعض الوقت أنك كنت منذ لحظة تهرول في الشارع مثل هؤلاء الناس وتجري وتدفع الناس أمامك وتصرخ في سائق التاكسي أن يسرع بك..

هذا الحماس الذي كان يبدو لك وأنت تحت في الشارع تعيش في وهمك.. هذا الحماس الذي كان يبدو لك حينذاك معقولا.. يبدو لك الآن من بعيد مضحكاً مثيراً للدهشة..

وعلى إيه.. على إيه كل الجري ده.. عشان واحد يسبق التاني.. يسبقه يروح فين.. حا يأخذ إيه بعد جريه، ولا حاجة.. كله محصّل بعضه..

وقد تدبّ خناقة بين اثنين تحت ويتجمّع الناس كما يتجمّع النمل حول ذرة تراب غريبة.. وتنظر أنت من فوق فتبدو لك الخناقة منظراً غريباً، ويبدو لك الموقف مشحوناً بحماس غير مفهوم.. بحماس طائش أبله ليست له دوافع طبيعية..

لماذا يقتل رجل رجلا آخر ويزاحمه في شبر صغير من الأرض يقف فيه مع أن الدنيا أمامه واسعة..

والدنيا تبدو لك من فوق واسعة.. واسعة جداً.. تبدو لك أوسع من أن يتقاتل اثنان على شبر صغير فيها..

إنك تكتشف سخافة الشبر.. وسخافة الناس.. وسخافة السرعة.. وسخافة الآلة..

إن هذا الشبر موضع التنافس والتقاتل يبدو لك تافهاً لا قيمة له..

إنك تسأل نفسك لأول مرة.. لماذا كل هذا الجري؟!

وتتفتح حواسك على آفاق رحبة تخرجك من سجن أنانيتك وصغار حياتك فتبدو لك اهتماماتك الصغيرة هيافة لا تستحق العناء..

وهناك لحظات تستطيع أن تتحقق فيها من هذه الهيافة بدون أن تصعد على برج القاهرة وتنظر إلى الناس تحت..

هناك لحظات نادرة تستطيع أن تخلع فيها نفسك من مشكلاتك التي تضيق عليك الخناق وتحصرك في رقعة ضيقة هي مصلحتك.. وتنظر إلى روحك كأنك تنظر إليها من فوق دون أن تصعد إلى فوق فعلا.. وتنظر متأملا متعجباً.. وتتساءل مندهشاً..

ولماذا كان كل هذا الاندفاع.. لماذا كان هذا الحماس والتهوّر على لا شيء..

وليه عملت كده.. كنت محموق على إيه.. إيه اللي خلاني أعمل كل اللي عملته.. إيه اللي خلاني أتخانق وأفقد صوابي..

وفي هذه اللحظات الخاطفة تفيق إلى نفسك.. وتتجلى عليك رؤية واسعة لحياتك وتتسع أمامك شاشة واقعك فتصبح شاشة بانورامية.. سينما سكوب.. وتسترد قدرتك على الحكم الدقيق العاقل.. تسترد قدرتك على الإمساك بفراملك والسيطرة على حياتك لأنك ترى ظروفك كلها دفعة واحدة وترى معها ظروف غيرك وظروف الدنيا فتتضائل مشكلتك وتصبح تافهة..

وأنا عيبي.. وربما ميزتي.. لست أدري بالضبط.. أني اكتشفت هذه الحكاية من زمان وجربتها وتلذذت بها فقررت أن أقضي أغلب حياتي فوق.. في هذا البرج الذي طار من عقلي.. أتأمل نفسي وأنا ألعب تحت الأرض.. وأفهم نفسي أكثر.. وأتعقل حياتي أكثر..

وكانت النتيجة أني نسيت اللعب.. وتحولت إلى متفرج مزمن.. جالس طول الوقت فوق.. في منصة الحكم.. ونسيت أن الصعود إلى برج المراقبة هذا لا يكون إلا لحظات خاطفة.. نصلح فيها هندامنا.. ونصلح نفوسنا.. ثم ننزل بعدها لنستأنف اللعب..

وأدمنت على الجلوس فوق.. والنظر من فوق حيث يبدو كل شيء صغيراً..

وجاء العيد..

وسمعت صوت البمب تحت نافذتي.. وشعرت أن كل واحد يلعب ويجري ويكركر بالضحك إلا أنا.. جالس وحدي كالغراب في برج عقلي الذي طار..

وشعرت بالثورة على هذه الوظيفة اللعينة التي اخترتها..
هذه الوظيفة التي تحرمني من اللعب وتحرمني من بهجة الحماقة ولذة التهوّر..

وقررت أن أتهور وألعب وأجري.. وأستمتع بالعيد مثل العيال..

وملأت جيبي بالبمب.. وسرت أطرقعه باليمين وبالشمال..

ثم ذهبت إلى روف جاردن لأشرب كوباً من البيرة، مثل أي شاب أحمق..

وكان الروف جاردن في الدور السادس عشر من عمارة عالية.. كناطحة سحاب..

ولذ لي أن أنظر من فوق.. إلى الدنيا تحت.. فماذا كانت النتيجة..

كانت النتيجة أني رأيت الناس تحت يبدون كالنمل.. سحنتهم واحدة.. وهياكلهم واحدة.. مجرد نقط تتدافع في اتجاهات متعدة..

ونسيت كوب البيرة ونسيت اللذة الحمقاء التي جئت من أجلها.. ونسيت العيد.. ونسيت اللعب..

وبدت لي كل هذه الأشياء صغيرة تافهة..

واقرءوا معي المقال من الأول

Thursday, March 12, 2009

الزهد


الزهد
من كتاب التلال الزمرديه نحو حياة القلب والروح
العالم الدينى فتح الله كولن

الزهد هو ترك المتع الدنيوية، ومقاومة الميول الجسمانية.. ويرد لدى الصوفية على الأكثر: العزوف عن لذائذ الدنيا، وإمرار العمر بعيش أشبه ما يكون بالحِِمية، مع اتخاذ “التقوى” أساساً للسلوك، والحزم باستغناء واستنكاف تجاه وجه الدنيا المتوجه إليها وإلى النفس الإنسانية.

ويمكن أن نرجع إلى التفسير السابق معنى آخر، هو أن الزهد: ترك راحة الدنيا الزائلة لأجل سعادة العقبى الباقية.

إن أُولى خطوات الزهد هي الحساسية المرهفة تجاه الحلال والحرام، أما الخطوة الثانية وهي المرحلة الكاملة فهي العيش بدقة متناهية وحساسية شديدة تجاه المباحات والأمور المشروعة.

أما “الزاهد”، فهو الصابر -حق الصبر- تجاه المسؤوليات التي تحمّلها.. وتجاه البلايا والمصائب التي تنـزل به.. وتجاه الذنوب والمعاصي التي تعترض طريقه في كل زاوية؛ مع الرضا بكل ما قدّره الخالق الكريم له سوى الكفر والضلال.. وهو الذي غاية خياله ومبتغى مناه في جعل ما أنعم عليه مولاه، لكسب رضاه سبحانه، والفوز في الآخرة، وتوجيه الإنسان إلى الحقيقة المطلقة.. فترنّ في أذن قلبه دائماً حقيقة: )قُل مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى) (النساء:77)، وتشعّ في كل جزء من أجزاء دماغه حقيقة: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) (القصص:77) ويستشعر في كل زاوية في أفق البصيرة بالبيان الإلهي: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (العنكبوت:64).

هذا وقد عرّف آخرون الزهد بأنه الحفاظ على حدود الشرع وحمايتها حتى في أوقات الضيق والشدة، والعيش لأجل الآخرين في أوقات الغنى والرخاء. والشكر على ما أنعم الله عليه من حلال، وإيفاء ما يترتب عليه من حق، وعدم جمع المال إلاّ لنفع الناس، وإعلاء شأن الإسلام، وعدم الولوج في طول الأمل.

وقد قال سفيان الثوري وأمثاله من عظماء السلف: إن الزهد عمل قلبي نُظّم وفق مرضاة الحق سبحانه وانغلق دون طول الأمل، وإلاّ فليس بأكل الغليظ ولا بلبس العباء.(1) وحسب هذا المفهوم فإن أمارات الزهد الحقيقي ثلاث:

1-أن لا يفرح من الدنيا بموجود، ولا يأسف منها على مفقود

2-أن لا ينسرّ بالثناء ولا يحزن على الذم

3-أن يفضل العبودية لله سبحانه والخلوة معه على أي شيء آخر

نعم، الزهد كالخوف والرجاء، عمل قلبي، إلاّ أنه يتميز عنهما من حيث انعكاس حس الزهد على أحوال الإنسان وسلوكه و من ثم توجيهها، وهذا هو البُعد العملي والسلوكي للزهد.

إن الصدر المتشبع بالزهد، يفكر بالزهد في جميع أحواله التي قد يتعارض بعضها مع البعض، وسواءً تعلق شعوره به أم لا، ففي الأكل أو الشرب، وفي النوم أو اليقظة، وفي الكلام أو السكوت، وفي تعقب الخلوة أو البقاء في الجلوة.. في كل هذه الأحوال يستنشق الزهد، يعيش متلوناً به، حتى يراه في الرؤى والمنام.. وبعد كل هذا يتخذ موقفاً جاداً تجاه وجوه الدنيا المتوجهة إلى هواه وإلى زخرف الدنيا.





أي: ما الدنيا؟ الدنيا هي الغفلة عن الله. وليست قماشاً ولا فضة ولا أولاداً ولا نساء. فلو أنفقت متع الدنيا كلها في سبيل رضاه لقال لك الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ). الماء الموجود في السفينة سبب هلاكها بينما الذي تحتها سبب سيرها.

نعم، لا تمنع إمكانات الدنيا وغناها الزهد. كفى بالإنسان أن يكون حاكماً عليها لا محكوماً لها. ولقد فضّل فخر الإنسانية صلى الله عليه وسلم عيش المساكين، وأمضى عمره بالزهد[4] رغم أن قلبه مفطور على الزهد ولم يدخل في نظر خياله غير الزهد؛ وفضّل العيش كأفقر ما يكون، ذلك لأنه موضع القدوة لأمته ولا سيما للذين يتحمّلون مهام نشر الحق، وهو بهذا الخيار:

أولاً: لا يدع مجالاً لتهمة استغلال وظيفة النبوة المقدسة لأجل الدنيا.

وثانياً: يبين عظمته وسموه في هذه الوظيفة المقدسة باقتدائه بأسلافه من الأنبياء والمرسلين في قوله (إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ).

وثالثاً: أنه كان يحمل مسؤولية القدوة والمرشد لعلماء أمته الذين تعهدوا بنشر الحق. ولهذا كان لا بد أن يقضي حياته المباركة على أفقر ما يكون… وقد قضاها هكذا.



هذا وقد قيل في الزهد أقوال جميلة قيمة، إلاّ أننا نختم هذا الفصل بكلام سيدنا علي رضي الله عنه الذي يصفع به كذب توهم الأبدية ويقطع دابر طول الأمل:

اَلنَّفْسُ تَبْكِي عَلَى الدُّنْيَا وَقَدْ عَلِمَتْ
أَنَّ السَّـلاَمَةَ فِيهَا تَرْكُ مَا فِيهَا

لاَ دَارَ لِلْمَرْءِ بَعْدَ الْمَوْتِ يَسْكُنُهَا
إِلاَّ الَّتِي كانَ قَبْلَ الْمَوْتِ بَانِيهَا

….

أَمْوَالُنَا لِذَوِي الْمِيرَاثِ نَجْمَعُهَا
وَدُورُنَـا لِخَرَابِ الدَّهْـرِ نَبْنِيهَا

كَمْ مِنْ مَدَائِنَ فِي اْلآفَاقِ قَدْ بُنِيَتْ
أَمْسَتْ خَرَابًا وَدَانَ الْمَوْتُ دَانِيهَا

لِكُلِّ نَفْسٍ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى وَجَلٍ
مِـنَ الْمَنِيَّةِ آمَـالٌ تُقَوِّيهَا

فَالْمَرْءُ يَبْسُطُهَا وَالدَّهْرُ يَقْبِضُهَا
وَالنَّفْسُ تَنْشُرُهَا وَالْمَوْتُ يَطْوِيهَا(6)

اللّهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتّباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، آمين يا أرحم الراحمين.

وصلّ وسلّم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

Saturday, January 24, 2009

كتاب على دمعه

كتاب على دمعة
غادة السمان

غرقت نظراته الخبيرة في عيني وبعد طول تأمل قال لي :أريد منك إجراء تحليل لدموعك
كانت أول مرة أسمع فيها عن تحليل الدموع
!في الطريق نحو المختبر كنت خائفة.. ماذا سيكشف لهم تحليل دموعي؟
!بل وكيف سيحصلون على الدمع مني؟
!ولكن.. لم لا؟
إنها فرصة رائعة للبكاء بعد طول احتباس لمطر القلب سأنتهز الفرصة وسأبكي طويلاً... وحتى حينما يأتي الممرض ويقول لي أن الأنبوب الذي ملأته بالدمع طاف, فلن أرد عليه وسأملأ له إبريقًا من الدمع
وجاؤوا بقطعة قطن وحكّوا بها جفني، فانهمر الدمع
..! نقطة واحدة كانت تكفيهم، ولكنها لم تكن تكفيني
وحين غادرت المختبر، فرحت لأنها كانت ولم يكن في وسعي أن أوقف مطر الدمع في حنجرتي المالحة كمغارة محشوة بالشوك
"قال لي الرجل: "تعالي بعد أيام من أجل نتيجة التحليل
وعشت أياما شبه قلقة... ترى هل سيقرؤون في دموعي تاريخي كله؟! تاريخ أحزاني كلها؟.. هل سيقرؤون أيضًا أسماءً.. وتواريخ..؟! وهل ستتراءى للمحلل وجوه ووجوه.. وجوه أمسكتُ بها، ووجوه راحتْ مني في زحام ذلك الزمن الهارب؟
هل سيقرأ في دموعي حكايتي؟! وهل سيرتجف جسده ضحكًا مني، من غباء أسميته "حبًّا"، وانهيارات أسميتها تجارب؟
ترى هل ينبت الذين نحبهم داخل دموعنا، وهل يسبحون في بحرها المالح كما الأسماك تسبح؟ ترى هل تسجل دموعنا زلازل أعماقنا وفواجعنا بحيث تبقى دوائرها مرتسمة، هادئة حينًا وصاخبة حينًا... وهل..؟ وهل..؟
في اليوم الموعود ذهبت لإحضار نتيجة التحليل.. تخيلت أنه سيُدفع إليَّ بعدة مجلدات فيها حكايات عمري التي لا يعرفها أحد غير دمعي
وفوجئت بصفحة بيضاء وعبارة واحد تتوسطها..
"الدمع خالي من كل شيء"
لم تذكر الورقة أي شيء غير حساس لأحد المركبات الكيميائية... أما بقية "حساسيات عمري" فلم تلحظها..
ما أشد قصور العلم أمام قطرة دمع أنساني واحدة هي بحر من الأسرار!
لا، لم تذكر أية أسماء
أية حكايا.. أي توق.. أي جنون.. لم تذكر أية تواريخ.
...

Wednesday, January 14, 2009

موت الملائكه

كيف تموت الملائكه

قال تعالى ((كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام)) كل من على الدنيا هالك لا محاله الا الله عز وجل لا اله الا هو سبحانه

مقدمة:
بعدما ينفخ اسرافيل عليه السلام في الصور النفخة الاولى تستوي الارض من شدة الزلزله فيموت اهل الارض جميعا وتموت ملائكة السبع سموات والحجب والسرادقات والصافون والمسبحون وحملة العرش وأهل سرادقات المجد والكروبيون ويبقى جبريل وميكائيل واسرافيل وملك الموت عليهم السلام.

موت جبريل علية السلام

يقول الجبار جل جلاله:ياملك الموت من بقي؟_وهوأعلم_فيقول ملك الموت:سيدي ومولاي أنت أعلم بقي إسرافيل وبقي ميكائيل وبقي جبريل وبقي عبدك الضعيف ملك الموت خاضع ذليل قدذهلت نفسة لعظيم ما عاين من الأهوال.فيقول له الجبار تبارك وتعالى:انطاق إلى جبريل فأقبض روحه فينطلق الى جبريل فيجده ساجدا راكعا فيقول له:ما أغفلك عما يراد بك يا مسكين قد مات بنو ادم واهل الدنيا والارض والطير والسباع والهوام وسكان السموات وحملة العرش والكرسي والسرادقات وسكان سدرة المنتهى وقد أمرني المولى بقبض روحك!

فعند ذلك يبكي جبريل علية السلام ويقول متضرعا إلى الله عز وجل:يا الله هون علي سكرات الموت(يا الله هذا ملك كريم يتضرع ويطلب من الله بتهوين سكرات الموت وهو لم يعصي الله قط فما بالنا نحن البشر ونحن ساهون لا نذكر الموت الا قليل) فيضمة ضمه فيخر جبريل منها صريعا فيقول الجبار جل جلاله: من بقي يا ملك الموت_وهو أعلم_ فيقول:مولاي وسيدي بقي ميكائيل وإسرافيل وعبدك الضعيف ملك الموت

موت ميكائيل عليه السلام-الملك المكلف بالماءوالقطر

فيقول الله عز وجل انطلق الى ميكائيل فأقبض روحه فينطلق الى ميكائيل فيجده ينتظر المطر ليكيله على السحاب فيقول له:ما أغفلك يا مسكين عما يراد بك! ما بقي لبني ادم رزق ولا للأنعام ولا للوحوش ولا للهوام,قد أهل السموات والارضين وأهل الحجب والسرادقات وحملة العرش والكرسي وسرادقات المجد والكروبيون والصافون والمسبحون وقد أمرني ربي بقبض روحك,فعند ذلك يبكي ميكائيل ويتضرع إلى الله ويسأله أن يهون عليه سكرات الموت,فيحضنه ملك الموت ويضمه ضمة يقبض روحه فيخر صريعا ميتا لا روح فيه,فيقول الجبار جل جلالة:من بقي_وهو أعلم_ياملك الموت؟ فيقول مولاي وسيدي أنت أعلم بقي إسرافيل وعبدك الضعيف ملك الموت.

موت إسرافيل عليه السلام-الملك الموكل بنفخ الصور

فيقول الجبار تبارك وتعالى:انطلق إالى إسرافيل فاقبض روحه.فينطلق كما امره الجبارإلى إسرافيل‎ (واسرافيل ملك عظيم) ,فيقول له ما أغفلك يا مسكين عما يراد بك!قد ماتت الخلائق كلها وما بقي أحد وقد أمرني الله بقبض روحك,فيقول إسرافيل:سبحان من قهر العباد بالموت,سبحان من تفرد بالبقاء,ثم يقول مولاي هون علي مرارة الموت.فيضمه ملك الموت ضمه يقبض فيها روحه فيخر صريعا فلو كان اهل السموات والارض في السموات والارض لماتوا كلهم من شدة وقعته.

موت ملك الموت عليه السلام-الموكل بقبض الارواح

فيسأل الله ملك الموت من بقي يا ملك الموت؟_وهواعلم_فيقول مولاي وسيدي أنت اعلم بمن بقي بقي عبدك الضعيف ملك الموت فيقول الجبار عز وجل : وعزتي وجلالي لأذيقنك ما أذقت عبادي انطلق بين الجنة والنار ومت, فينطلق بين الجنة والنار فيصيح صيحة لولا أن الله تبارك وتعالى أمات الخلائق لماتوا عن اخرهم من شدة صيحته فيموت.

ثم يطلع الله تبارك وتعالى الى الدنيا فيقول:يا دنيا اين انهارك اين اشجارك واين عمارك؟ أين الملوك وأبنا الملوك وأين الجبابره وابناء الجبابره؟ أين الذين أكلوا رزقي وتقلبوا في نعمتي وعبدوا غيري,لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد

فيرد الله عز وجل فيقول الملك لله الواحد القهار...

Sunday, September 14, 2008

الحكم العطائية


الحكم العطائيه
ابن عطاء الله السكندرى

اجتهادك فيما ضمن لك و تقصيرك فيما طلب منك، دليل على انطماس البصيرة منك

لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبا ليأسك، فهو ضمن لك الإجابة، فيما يختاره لك، لا فيما تختاره لنفسك، و في الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد،

تنوعت أجناس الأعمال لتنوع واردات الأحوال،

الأعمال صور قائمة، و أرواحها وجود الإخلاص فيها

ما نفع القلب مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة

كيف يشرق قلب صور الأكوان منطبعة في مرآته؟
أم كيف يرحل إلى الله و هو مكبل بشهواته؟
أم كيف يطمع أن يدخل حضرة الله و لم يتطهر من جنابة غفلاته؟
أم كيف يرجو أن يفهم دقائق الأسرار و هو لم يتب من هفواته؟


ما ترك من الجهل شيء، من أراد أن يحدث في الوقت غير ما أظهره الله فيه

إحالتك الأعمال على وجود الفراغ - من رعونات النفس

ما أرادت همة سالك أن تقف عندما كشف لها- إلا و نادته هواتف الحقيقة الذي تطلب أمامك، و لا تبرجت ظواهر المكونات - إلا و نادته "حقائقها " إنما نحن فتنة فلا تكفر

لا تستغرب وقوع الأكدار ما دمت في هذه الدار- فإنها ما أبرزت إلا ما هو مستحق وصفها وواجب نعتها
من أشرقت بدايته أشرقت نهايته

شتان بين من يَستدل به , او يستدل عليه : المستدِل به -عرف الحق لأهله؛ فأثبت الأمر من وجود أصله، و الاستدلال عليه- من عدم الوصول إليه، و إلا فمتى غاب حتى يُستدل عليه، و متى بعد؛ حتى تكون الآثار هي التي توصل إليه؟

تشوفك إلى ما بطن فيك من العيوب خير من تشوفك إلى ما حجب عنك من الغيوب

اخرج من أوصاف بشريتك عن كل وصف مناقض لعبوديتك، لتكون لنداء الحق مجيبا، و من حضرته قريبا

أصل كل معصية و غفلة الرضا عن النفس، و أصل كل طاعة و يقظة و عفة عدم الرضى منك عنها.و لأن تصحب جاهلا لا يرضى عن نفسه - خير لك من أن تصحب عالما يرضى عن نفسه، فأي علم لعالم يرضى عن نفسه؟ و أي جهل لجاهل لا يرضى عن نفسه؟

.شعاع البصيرة- يشهدك قربه منك، و عين البصيرة- تشهدك عدمك لوجوده، و حق البصيرة- يشهدك وجوده، لا عدمك و لا وجودك
"العجب كل العجب ممن يهرب مما لا انفكاك له عنه، و يطلب ما لا بقاء معه، "فإنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور

لا تصحب من لا ينهضك حاله، و لا يدلك على الله مقاله

لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه، لأن غفلتك من وجود ذكره - أشد من غفلتك في وجود ذكره، فعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة- إلى ذكر مع وجود يقظة، و من ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور، و من ذكر مع وجود حضور- إلى ذكر مع وجود غيبة عما سوى المذكور، "و ما ذلك على الله بعزيز"


لا يعظم الذنب عندك -عظمة تصدك عن حسن الظن بالله، فإن من عرف ربه استصغر في جنب كرمه ذنبه

لا صغيرة إذا قابلك عدله، و لا كبيرة إذا واجهك فضله

النور جند القلب، كما أن الظلمة جند النفس، فإذا أراد الله أن ينصر عبده - أمده بجنود الأنوار و قطع عنه مدد الظلم و الأغيار

النور له الكشف، و البصيرة لها الحكم، و القلب له الإقبال و الإدبار

أرح نفسك من التدبير، فما قام به غيرك لا تقم به لنفسك

Saturday, August 16, 2008

ابتهال

ابتهال
أناشيد الإثم و البراءة
د\ مصطفى محمود


إلهي.. يا منبع جميع الأنوار

ترى من نحب حينما ننظر إلى بعضنا البعض..؟!

و هل نحب إلا نورك أنت و أثر يديك على الصلصال

و هل يسكرنا إلا نفخة روحك التي نفختها فينا

و هل نطالع في كل جميل إلا وجهك

و هل كل يد شافية و كل قبلة رحيمة إلا ترجمان رحمتك

فكيف يا إلهي تضل بنا الأودية و تتفرق بنا السكك و نخرج من اسمك إلى أسمائنا فنسجن أنفسنا في هذا الصدر أو نتوه في ذلك العنق أو نهاجر في تلكما العينين و تتسكع أيدينا على نحاس الأضرحة فنلثم الشفاه و يخيل إلينا أننا نذوق خمرك و ما نذوق إلا زجاج الكؤوس التي أودعت فيها ذلك الرحيق الخفي الذي هو سر أسرارك.

و يخيل إلينا أننا بلغنا المنتهى و ما بلغنا إلا لمس الغلاف و تحسس المحارة أما اللؤلؤ داخل المحارة.. و النور المغيب في شغاف القلوب و السر المودع في العيون فليس لنا منه إلا حظ القرب و المطالعة و الاستشراف من بعد حيث لا وصال و لا اتصال و لا انفصال و لا نوال.. و إنما في الذروة من الاحساس.. يأتي ذلك الإغماء.. و تلك الغيبوبة الصاحية.. و تلك النشوة الغامرة.. حينما نوشك أن نكون قاب قوسين أو أدنى من لقاء السر بالسر.

و لا سر إلا سرك و إن تعددت الأسماء و تنوعت المفاتن و اختلفت الوجوه.

إنما هو أنت وحدك المحبوب أينما توجه قلب محب.. و أنت وحدك المعبود أينما توجهت نظرات عابد.

و أنت وحدك الرزاق و إن تعددت الأيدي التي تعطي.

إنما تستمد جميع المصابيح نورها من نورك.

كل مصباح يأخذ منك على حسب استعداده. و يعطي من نورك على حسب شفافيته.

و لكن العطاء في الأصل منك و الجمال منك و النور منك.

سبحانك لا شريك لك.

سبحانك و الحمد لك.

سبحانك والحب لك.

يارب.. سألتك باسمك الرحمن الرحيم أن تنقذني من عيني فلا تريني الأشياء إلا بعينك أنت و تنقذني من يدي فلا تأخذني بيدي بل بيدك أنت تجمعني بها على من أحب عند موقع رضاك.. فهناك الحب الحق.. و هناك أستطيع أن أقول.. لقد اخترت.. لأنك أنت الذي اخترت.. و أنت الوحيد الذي توثق جميع الاختيارات و تبارك كل الحريات.. أنت الحرية و منك الحرية و بك الحرية و أنت الحب و منك الحب و بك الحب.

أنت الحق و الحقيقة.

و ما عدا ذلك أضرحة و نحاس و خشب و صلصال و حجارة و أهداب و عيون و محاجر و أوثان تسجد لأوثان.

لا تدعني يا إلهي في الظلمة ألثم الحجارة و أعانق الصلصال و أعبد الوثن.

بشفة الشيطان لثمت هذه الأشياء و ظننت أنها شفتي و بذراعي الشيطان عانقت و ظننت أنهما ذراعاي.

استحلفتك بضعفي و قوتك

و أقسمت عليك بعجزي و اقتدارك

إلا جعلت لي مخرجا من ظلمتي إلى نوري و من نوري إلى نورك

سبحانك...

لا إله إلا أنت

لا إله إلا الله.

الحب ماهو؟

الحب ما هو؟
كتاب أناشيد الإثم والبراءة ...د\مصطفى محمود

لو سألني أحدكم.. ما هي علامات الحب و ما شواهده لقلت بلا تردد أن يكون القرب من المحبوبة أشبه بالجلوس في التكييف في يوم شديد الحرارة و أشبه باستشعار الدفء في يوم بارد.. لقلت هي الألفة و رفع الكلفة و أن تجد نفسك في غير حاجة إلى الكذب.. و أن يرفع الحرج بينكما، فترى نفسك تتصرف على طبيعتك دون أن تحاول أن تكون شيئا آخر لتعجبها.. و أن تصمتا أنتما الإثنان فيحلو الصمت، و أن يتكلم أحدكما فيحلو الإصغاء.. و أن تكون الحياة معا هي مطلب كل منكما قبل النوم معا.. و ألا يطفئ الفراش هذه الأشواق و لا يورث الملل و لا الضجر و إنما يورث الراحة و المودة و الصداقة.. و أن تخلو العلاقة من التشنج و العصبية و العناد و الكبرياء الفارغ و الغيرة السخيفة و الشك الأحمق و الرغبة في التسلط، فكل هذه الأشياء من علامات الأنانية و حب النفس و ليست من علامات حب الآخر.. و أن تكون السكينة و الأمان و الطمأنينة هي الحالة النفسية كلما التقيتما.

و ألا يطول بينكما العتاب و لا يجد أحدكما حاجة إلى اعتذار الآخر عند الخطأ، و إنما تكون السماحة و العفو و حسن الفهم هي القاعدة.. و ألا تشبع أيكما قبلة أو عناق أو أي مزاولة جنسية و لا تعود لكما راحة إلا في الحياة معا و المسيرة معا و كفاح العمر معا.

ذلك هو الحب حقا.

و لو سألتم.. أهو موجود ذلك الحب.. و كيف نعثر عليه؟ لقلت نعم موجود و لكن نادر.. و هو ثمرة توفيق إلهي و ليس ثمرة اجتهاد شخصي.

و هو نتيجة انسجام طبائع يكمل بعضها البعض الآخر و نفوس متآلفة متراحمة بالفطرة.

و شرط حدوثه أن تكون النفوس خيرة أصلا جميلة أصلا.

و الجمال النفسي و الخير هو المشكاة التي يخرج منها هذا الحب.

و إذا لم تكن النفوس خيرة فإنها لا تستطيع أن تعطي فهي أصلا فقيرة مظلمة ليس عندها ما تعطيه.

و لا يجتمع الحب والجريمة إلا في الأفلام العربية السخيفة المفتعلة.. و ما يسمونه الحب في تلك الأفلام هو في حقيقته شهوات و رغبات حيوانية و نفوس مجرمة تتستر بالحب لتصل إلى أغراضها.

أما الحب فهو قرين السلام و الأمان و السكينة و هو ريح من الجنة، أما الذي نراه في الأفلام فهو نفث الجحيم.

و إذا لم يكن هذا الحب قد صادفكم و إذا لم يصادفكم منه شيء في حياتكم فالسبب أنكم لستم خيرين أصلا فالطيور على أشكالها تقع و المجرم يتداعى حوله المجرمون و الخير الفاضل يقع على شاكلته..

و عدل الله لا يتخلف فلا تلوموا النصيب و القدر و الحظ و إنما لوموا أنفسكم.

و قد يمتحن الله الرجال الأبرار بالنساء الشريرات أو العكس و ذلك باب آخر له حكمته و أسراره.

و قد سلط الله المجرمين و القتلة على أنبيائه و امتحن بالمرض أيوب و بالفتنة يوسف و بالفراعين الغلاظ موسى و بالزوجات الخائنات نوحا و لوطا.

و أسرار الفشل و التوفيق عند الله.. و ليس كل فشل نقمة من الله.

و قد قطع الملك هيرودوس رأس النبي يوحنا المعمدان و قدمها مهرا لبغي عاهرة.

و لم يكن هذا انتقاصا من قدر يوحنا عند الله.. و إنما هو البلاء.

فنرجو أن يكون فشلنا و فشلكم هو فشل كريم من هذا النوع من البلاء الذي يمتحن النفوس و يفجر فيها الخير و الحكمة و النور و ليس فشل النفوس المظلمة التي لا حظ لها و لا قدرة على حب أو عطاء.

و نفوسنا قد تخفي أشياء تغيب عنا نحن أصحابها. و قد لا تنسجم امرأة و رجل لأن نفسيهما مثل الماء و الزيت متنافرتان بالطبيعة، و لو كانا مثل الماء و السكر لذابا و امتزجا و لو كانا مثل العطر و الزيت لذابا و امتزجا.. و المشكلة أن يصادف الرجل المناسب المرأة المناسبة.

و ذلك هو الحب في كلمة واحدة: التناسب. تناسب النفوس و الطبائع قبل تناسب الأجسام و الأعمار و الثقافات.

و قد يطغى عامل الخير حتى على عامل التناسب فنرى الرسول محمدا عليه الصلاة و السلام يتزوج بمن تكبره بخمسة و عشرين عاما و يتزوج بمن تصغره بأربعين عاما فتحبه الإثنتان خديجة و عائشة كل الحب و لا تناسب في العمر و لا في الثقافة بينهما فهو النبي الذي يوحى إليه و هما من عامة الناس.

و نراه يتزوج باليهودية صفية صبيحة اليوم الذي قتل فيه جيشه زوجها و أباها و أخاها و شباب قومها و زهرة رجالهم واحدا واحدا على النطع في خيبر.. يتزوجها بعد هذه المذبحة فنراها تأوي إلى بيته و تسلم له قلبها مشغوفة مؤمنة و لم تكد دماء قومها تجف.. فكيف حدث هذا و لا تناسب و إنما أحقاد و أضغان و ثارات..

إنه الخير و الخلق الأسمى في نفس الرسول الكريم - صلى الله عليه و سلم- هو الذي قهر الظلمة و هو الذي حقق المعجزة دون شروط..

إنه النور الذي خرج من مشكاة هذا القلب المعجز فصنع السحر و أسر القلوب و طوع النفوس حتى مع الفوارق الظاهرة و عدم التناسب و مع الأضغان و الأحقاد و الثارات..

إنما نتكلم نحن العاديون عن التناسب..

أما في مستوى الأنبياء فذلك مستوى الخوارق و المعجزات..

و ما زالت القلوب الخيرة و النفوس الكاملة التي لها حظ من هذا المستوى قادرة على بلوغ الحب و تحقيق الانسجام في بيوتها برغم الفروق الظاهرة في السن و الثقافة..

ذلك أن الحب الذي هو تناسب و انسجام بالنسبة لنا نحن العاديين.. هو في المستوى الأعلى من البشر نفحة إلهية..

و من ذا الذي يستطيع أن يقيد على الله نفحاته أو يشترط عليه في هباته..

و إذا شاء الله أن يرحم أحدا فمن ذا الذي يستطيع أن يمنع رحمته..

و الحب سر من أعمق أسرار رحمته..

و لا ينتهي في الحب كلام..

Sunday, August 10, 2008

أمنيات نسائية.. عكس المنطق

أمنيات نسائية.. عكس المنطق
احلام مستغانمى

طالما تردّدت في الاعتراف بأحلامي السريّة، خشية أن تهاجمني الحركات النسويّة. وحدي ناضلت كي يعيدني حبّك إلى عصور العبودية، وسرت في مظاهرة ضد حقوق المرأة، مطالبة بمرسوم يفرض على النساء الحجاب، ووضع البرقع في حضرة الأغراب، ويعلن حظر التجول على أي امرأة عاشقة، خارج الدورة الدموية لحبيبها.
***
قبلك حققت حلم الأُخريات، واليوم، لا مطلب لي غير تحقيق حلمي في البقاء عصفورة سجينة في قفص صدرك، وإبقاء دقات قلبي تحت أجهزة تنصّتك، وشرفات حياتي مفتوحة على رجال تحرّيك. رجل مثلك؟ يا لروعة رجل مثلك، شغله الشاغل إحكام قيودي، وشدّ الأصفاد حول معصم قدري. أين تجد الوقت بربّك.. كي تكون مولاهم.. وسجّاني؟
امرأة مثلي؟ يالسعادة امرأة مثلي، كانت تتسوق في مخازن الضجر الأنثوي، وما عاد حلمها الاقتناء.. بل القِنانة، مذ أرغمتها على البحث عن هذه الكلمة في قاموس العبودية. وإذا بها تكتشف نزعاتك الإقطاعيّة في الحبّ. فقد كنت من السادة الذين لا يقبلون بغير امتلاك الأرض.. ومن عليها.
كانت قبلك تتبضّع ثياباً نسائية.. عطوراً وزينة.. وكتباً عن الحرية. فكيف غدت أمنيتها أن تكون بدلة من بدلاتك.. ربطة من ربطات عنقك.. أو حتى حزام بنطلون في خزانة ثيابك. شاهدت على التلفزيون الأسرى المحررين، لم أفهم لماذا يبكون ابتهاجاً بالحريّة، ووحدي أبكي كلّما هدّدتني بإطلاق سراحي. ولماذا، كلّما تظاهرت بنسيان مفتاح زنزانتي داخل قفل الباب، عُدت لتجدني قابعة في ركن من قلبك.
وكلّما سمعتُ بالمطالبة بتحقيق يكشف مصير المفقودين، خفتُ أن يتم اكتشافي وأنا مختفية، منذ سنوات، في أدغال صدرك.
وكلّما بلغني أن مفاوضات تجرى لعقد صفقة تبادل أسرى برفات ضحايا الحروب، خفت أن تكون رفات حبّنا هي الثمن المقابل لحرّيتي، فرجوتك أن ترفض صفقة مهينة إلى هذا الحد.. ورحت أعدّ عليك مزايا الاعتقال العاطفي.. علني أغدو عميدة الأسرى العرب في معتقلات الحب.